أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

إرشادات قضائية حاسمة لمواجهة جرائم الامتناع عن تسليم الميراث

 

إرشادات قضائية جديدة ومفصلة بشأن "جنحة الامتناع عمدًا عن تسليم حصة ميراثية ، وجاءت هذه الإرشادات، التي تهدف تصويب تأويل خاطئ للنص العقابي أدى سابقاً إلى صدور أحكام بالبراءة في بعض القضايا، وهو ما أهدر الغرض الذي سعى إليه المشرّع.

أبرز ما جاء في الإرشادات:

1.    الحصة الشائعة والمفرزة سواء: أكدت الإرشادات، استنادًا إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض، أن جريمة الامتناع عن تسليم الميراث تقع سواء كانت الحصة الميراثية شائعة أو مفرزة. وأوضحت أن التسليم في الحصة الشائعة يمكن أن يكون "حكميًا"، مثل تسليم الريع أو العائد الناتج عن استغلال المال الموروث (كإيجار عقار).

2.    المسؤولية لا تقتصر على الورثة: شددت النيابة العامة على أن القانون يُلقي التزامًا عامًا على كل من يحوز نصيبًا موروثًا أو سندًا يثبته، سواء كان وارثًا أم لم يكن، بتسليمه إلى مستحقيه.

3.    إجراءات تحقيق واضحة: قدمت الإرشادات قائمة مفصلة بالمستندات اللازمة للتحقيق، مثل إعلام الوراثة ومستندات ملكية المورث ، ووجهت أعضاء النيابة بضرورة سؤال كافة الأطراف والشهود وإجراء التحريات اللازمة.

4.    الطعن على الأحكام الخاطئة: وجهت الإرشادات أعضاء النيابة العامة بضرورة الطعن بالاستئناف أو النقض على أي أحكام براءة تستند إلى التفسير الخاطئ للقانون، كاشتراط أن تكون الحصة مفرزة أو أن يكون المتهم وارثًا.

وتهدف هذه الخطوة إلى تفعيل الحماية الجنائية للحق في الإرث، ومكافحة الظواهر الاجتماعية السلبية كحرمان النساء من ميراثهن، وضمان تحقيق العدالة الناجزة التي تنشدها الدولة المصرية.

فيما يلي النص الكامل للإرشادات القضائية الصادرة عن النيابة العامة بشأن جنحة الامتناع عن تسليم حصة ميراثية:

  

 

 

 

إرشادات قضائية

بشأن جنحة الامتناع عمدًا

عن تسليم حصة ميراثية لأحد الورثة

 

إعداد

المكتب الفني للنائب العام ونيابة استئناف القاهرة

مكتب النائب العام

المكتب الفني للنائب العام ونيابة استئناف القاهرة

أغسطس ٢٠٢٣


 

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤]

صَدَقَ اللهُ العَظِيمُ

السيدات والسادة الزملاء... الإخوة والأبناء - قيادات وأعضاء النيابة العامة على مستوى الجمهورية .

تحية ود واحترام وتقدير

إن من أفضل النعم وأعظمها في هذه الحياة تعلم العلم وتعليمه، فبالعلم قامت الحضارات وتقدمت، وبه زادت قوة الإنسان وكانت ريادته، ورغم ذلك سيظل تلميذًا في محراب العلم يتلقاه من مشاربه المتعددة مهما بلغ به العمر، أو تنوعت خبراته، ولذلك فقد كان شغلنا الشاغل منذ تولينا مسئولية النيابة العامة استدامة رفع الكفاءة الفنية لجميع أعضائها على مستوى الجمهورية؛ لنكون مواكبين دائمًا لركب أهل العلم والمعرفة في سبيلنا الحسن أداء الرسالة وإقامة العدالة .. العدالة الناجزة.

وغَنِيٌّ عن البيان في هذا المقام ما يضطلع به المكتب الفني للنائب العام من دَوْرٍ هام، فرفع الكفاءة الفنية على مستوى الجمهورية من أهدافه الرئيسة، ولذلك نضع بين أيديكم إرشادات قضائية أعدها زملاؤكم أعضاء المكتب الفني، لا لتكون محض ترديد لنصوص قانونية أو آراء فقهية، بل هي إرشادات وتوجيهات عملية من واقع خبرات متراكمة ومواكبة لتطور أنماط الجريمة وصورها في هذا العصر، من أجل تفعيل التصدي لها ومكافحتها، استمرارًا لمسيرة العطاء والارتقاء، ولتكون نواة حقيقية يُبنى عليها ليزداد نفعها.

وختامًا نسأل الله تعالى أن يكون هذا العلم مباركاً صادقًا نافعًا يعم به الخير والفائدة على الجميع بما يحقق مصلحة البلاد والعباد ويقيم العدالة الناجزة المنشودة في ربوع بلادنا الحبيبة.

النائب العام

المستشار/ حمادة الصاوي


 

لما كان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن: «الدستور إذ نص في المادة (٣٥) على أن الملكية الخاصة مصونة وحق الإرث فيها مكفول، فقد دل بذلك على أن ما يؤول للعباد ميراثًا في حدود أنصبتهم الشرعية، يعتبر من عناصر ملكيتهم التي لا يجوز لأحد أن ينال منها» (۱) وكان قضاء هذه المحكمة قد أكد كذلك أن المشرع في سعيه لتوطيد وحماية الحق في الإرث لكونه أحد مصادر الملكية الخاصة المكفول بنص المادة (٣٥) من الدستور، قد واجه ظاهرة استشرت في المجتمع في العديد من الشرائح الاجتماعية، يجنح فيها البعض، من الورثة وغيرهم ممن يضعون أيديهم على التركة أو سندات إثباتها، إلى حرمان مستحقي حصة الوراثة من حقهم في الإرث لأسباب منبتة الصلة باستحقاق الميراث، وكذلك ما تمليه عادات فاسدة تسود في بعض البيئات المغلقة من حرمان النسوة من تسلم حقوقهن في الإرث، أو غل أيديهن عن السندات المثبتة لحقوقهن، أو غير ذلك من الأسباب التي تقعد المستحقين عن المطالبة بحقهم في الميراث، فتصدى المشرع بالنص المطعون فيه لهذه الظاهرة ويعني نص المادة (٤٩) من القانون رقم ٧٧ لسنة ١٩٤٣ بشأن المواريث المضافة بالقانون رقم ٢١٩ لسنة ٢٠١٧ - (٢)، وأقام سياجًا من الحماية الجنائية، يرد به هذا الاجتراء على حقوقهم الشرعية، فعاقب بموجب هذا النص كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث،

-----------------------------

(۱) حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى المقيدة بجدولها برقم ٤٧ لسنة ٤٣ قضائية دستورية، بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من يوليه سنة ٢٠٢٣م الموافق العشرين من ذي الحجة سنة ١٤٤٤هـ.

(٢) مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، أو حجب سندًا يؤكد نصيبًا لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين.....

أو حجب سندًا يؤكد نصيبًا لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين، فإنه بذلك يكون قد استهدف تحقيق مصلحة اجتماعية جوهرية، حرص الدستور على التأكيد عليها في المادة (٣٥) منه، قوامها صون الحق في الملكية الخاصة بصفة عامة، وضمان الحق في الإرث على وجه الخصوص، وكانت غاية المشرع من ذلك تفعيل الحماية الدستورية لانتقال الأموال بالميراث وصون هذا الحق). (۳)

لما كان ذاك كذلك فقد أفرز التطبيق العملي للنص المار بيانه تأويلاً خاطئًا تمثل في اشتراط أن تكون الحصة الميراثية الممتنع عن تسليمها مفرزة لاكتمال النموذج الإجرامي للجريمة بركنيه المادي والمعنوي، وهو ما يتنافى مع مقصود الشارع وغايته، إذ أكدت المحكمة الدستورية في هذا الصدد أن: الامتناع عن تسليم النصيب الشرعي من الميراث، المؤثم بمقتضى النص المحال جاء في عبارة عامة مطلقة تشمل جميع صور الامتناع، سواء وقع على الحصة الشائعة أو النصيب المفرز، ذلك أن كليهما يصح أن يكون محلاً للتسليم، بحكم صلاحية كل منهما لأن يحوزه حائز على وجه التخصيص والانفراد، ولا فارق بين الاثنين إلا في أن حائز النصيب المفرز تكون يده بريئة من المخالطة، أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط غيره من المشتاعين، إلا أن ذلك لا يحول دون قابليتها للتسليم والحيازة، فملكية الحصة الشائعة بصريح نص المادة (٨٢٦) من القانون المدني ملكية تامة، يجمع مالكها في يده جميع عناصر الملكية من استعمال واستغلال وتصرف، وينصب حقه مباشرة على حصته في المال.

-----------------------------

(۳) انظر الحكم السابق.


 

الشائع، وبذلك يعد الامتناع عن تسليمها أحد صور الامتناع المؤثم بموجب النص المحال» (٤)

وكان من أثر هذا التأويل الخاطئ للنص العقابي المشار إليه القصور في استيفاء أوراق دعاوى جنح الامتناع عن تسليم الحصص الميراثية، وصدور أحكام بالبراءة فيها، مما أهدر الغرض الذي تغياه المشرع من إصدار ذلك التشريع.

وتأسيسًا على ما تقدم؛ فلما كان الثابت من نص المادة (٤٩) المضافة بالقانون رقم ٢١٩ لسنة ٢٠١٧، وما ورد بحيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا - الأخير - من أنه لا يشترط لقيام أركان الجريمة أن يكون النصيب الشرعي مفرزًا حتى يمكن تسليمه، وكان قضاء محكمة النقض قد أكد أن: شيوع حصة الطاعن في تركة مورثه لا يحول دون إجابته إلى طلبه تسليمه إياها على أن يكون التسليم حكميًّا (٥)، وذلك بتسليم الريع أو العائد الناتج من استغلال المال المورث، وهو ما يتفق مع ما قد جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن: «مقتضى صون الدستور للحق في الملكية الخاصة يتسع للأموال بوجه عام، ومن ثم انصرافها إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعًا، بما تغله من منفعة مالية بحسبانها من بين العناصر الإيجابية للذمة المالية، وكان مؤدى ذلك أن تنبسط هذه الحماية الدستورية على ما يؤول للوارث من حصة مالية سواء تعلقت بملكية الرقبة، أو بغلة الحصة التي آلت إليه بطرق .

-----------------------------

(٤) حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى المقيدة بجدولها برقم ٣١ لسنة ٤٢ قضائية «دستورية» بجلستها العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من نوفمبر سنة ٢٠٢١م، الموافق الأول من ربيع الآخر سنة ١٤٤٣ هـ.

(٥) حكم محكمة النقض - الدائرة المدنية - في الطعن المقيد بجدولها برقم ۲۷۰۰ لسنة ٦٦ قضائية «مدني» بجلستها العلنية المنعقدة يوم السبت ٢٧ من ديسمبر سنة ٢٠٠٨م، الموافق ٢٩ من ذي الحجة سنة ١٤٢٩ هـ.


 

الميراث، أو أية منفعة تنتج عنها (٦)؛ لما كان ذلك فإن المشرع يكون قد أقام هذه الجريمة على فعل الامتناع، وهو فعل كما بينه وأوضحه قضاء المحكمة الدستورية العليا: «ينضبط بسائر الضوابط القانونية لجرائم الامتناع العمدية، إذ لا يقع إلا من حائز المال الموروث، متى كان في سلطته القانونية والفعلية الوفاء بالتزامه بالتسليم، وما يوجبه ذلك - ابتداء - من العلم باستحقاق الوارث الحصة الموروثة أو سندها، وخلوها من المنازعة القانونية، واتجاه إرادة الحائز للمال الموروث إلى الحيلولة دون تسليم الوارث حصته من المال، أو المستندات الدالة عليه. ليكون النكول عما أوجبه النص امتناعًا عمديًّا عن أداء واجب قانوني، تحددت معالمه على نحو قاطع (۷)، فضلاً عن أنه فعل قصد منه المشرع على نحو ما أكدته ذات المحكمة: «أن يلقي التزامًا عامًا على كل من يحوز - سواء أكان وارثًا أم لم يكن - نصيبًا يستحق ميراثًا لغيره، أن يسلمه إليه، كما ألقى التزامًا على كل من يحوز سندًا يؤكد هذا النصيب، أن يظهره لمستحقي الحصة الموروثة، وأن يسلم هذا السند متى كان متعينًا عليه تسليمه. وهو التزام يمتد إلى كل حق موروث، سواء أكان عقارًا أم منقولاً، وسواء أكان ذا قيمة مالية أم أدبية، في أحوال استحقاقه بطريق الميراث الشرعي». (٨)

وبناءً على ما تقدم، فقد رؤي وضع تلك الإرشادات القضائية تيسيرًا وتسهيلاً للإجراءات التي يتخذها أعضاء النيابة العامة لبيان مدى قيام هذه الجريمة من عدمه، وذلك بتوضيح القوام الصحيح لها ولأركانها بما يوافق القواعد القانونية التي أرستها المحكمة الدستورية العليا،

-----------------------------

(٦) حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى المقيدة بجدولها برقم ٤٧ لسنة ٤٣ قضائية دستورية، بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من يوليه سنة ٢٠٢٣م الموافق العشرين من ذي الحجة سنة ١٤٤٤هـ.

(۷) انظر الحكم السابق.

(٨) انظر الحكم السابق.

ومحكمة النقض، وبيان العناصر الأساسية اللازم استيفاؤها في كافة البلاغات التي ترد للنيابة العامة بها، وكذا العناصر التي يجب استيفاؤها بحسب طبيعة الحصة الميراثية المتنازع عليها، وذلك إيمانًا من النيابة العامة بضرورة مواكبة سائر المؤسسات التشريعية والقضائية في التصدي للظواهر الإجرامية التي تضر بمصالح المجتمع الذي تنوب عنه وتمثله، وإسهامًا منها في تقويم ما يفرزه التطبيق العملي من تأويل خاطئ لصحيح القانون بما يستوجب تصويبه في مهد الإجراءات التي تتشكل بها الدعوى والتي تختص النيابة العامة باتخاذها اختصاصًا أصيلاً، حتى تنشأ على بنيان صحيح تتحقق به العدالة الناجزة المنشودة.


 

 

 

أركان الجريمة

 وعناصرها المفترضة


 

أولاً: بيان أركان الجريمة

أ) عناصر الركن المادي:

(١) فعل الامتناع:

       الامتناع عمدًا عن تسليم نصيب شرعي في التركة المورثة:

       الامتناع هو نكول عما أوجبه النص القانوني، وهو امتناع عمدي عن أداء واجب قانوني.

       الامتناع المجرم منه الامتناع عن تسليم الحصة المفرزة والتسليم الحكمي للحصة المشاعة (مثال: تسليم ريع يدره عقار أو قطعة أرض مورثة على المشاع).

       الحجب العمدي لسند يؤكد نصيب الوارث.

       الامتناع عمدًا عن تسليم سند يؤكد نصيب الوارث حال طلبه من الورثة.

(٢) محل الامتناع:

       نصيب شرعي من الميراث:

       وهو كل حق موروث (سواء كان عقارًا أو منقولاً - ذا قيمة مالية أو أدبية).

       حصة شائعة أو نصيب مفرز.

       محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء.

       خال من المنازعة القانونية.

       سند يؤكد نصيبًا شرعيًا لوارث.


 

(ب) عناصر الركن المعنوي:

1.     علم الجاني باستحقاق الوارث للحصة الموروثة وسندها.

2.     اتجاه إرادة الحائز للمال الموروث (الجاني) إلى الحيلولة دون تسليم الوارث حصته من المال أو المستندات الدالة عليه (مثال: وجود إنذار سابق من المجني عليه للجاني بالتسليم، أو ارتكاب تزوير في محرر يفيد تصرف المورّث في ملكيته، ويراعى في تلك الحالة ما تنص عليه المادة ٣٢ من قانون العقوبات).

(ج) عناصر مفترضة في الجريمة:

       أولاً: الجاني:

       كل من يحوز نصيبًا يحق ميراثًا لغيره أو سندًا يؤكد هذا النصيب سواء كان وارثًا أم لم يكن.

       في سلطته القانونية والفعلية الوفاء بالتزام التسليم.

       ثانيًا: المجني عليه:

       أن يكون أحد الورثة.

(د) الظرف المشدد في الجريمة:

       العود ويرفع العقوبة للحبس الذي لا تقل مدته عن سنة.

(هـ) الصلح في الدعوى:

       في أي حالة تكون عليها الدعوى ولو بعد صدور حكم بات.

       يكون أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال.

       يكون للمجني عليه أو وكيله الخاص وورثته ووكيلهم الخاص.

       يكون للمتهم أو المحكوم عليه أو وكيلهما الخاص.

 

 

الإرشادات العملية

 


 

أولاً: العناصر الأساسية الواجب استيفاؤها في كافة صور الجريمة:

(أ) المستندات اللازم ضمها للأوراق:

1.     إعلام وراثة لمورث الطرفين.

2.     التثبت من صفة المتهم.

       وتجدر الإشارة إلى أن المشرع قد اتخذ من فعل الامتناع عن تسليم نصيب الوارث من التركة مناطًا لوقوع الجريمة، قاصدًا من ذلك أن يلقي التزامًا عامًا على كل من يحوز نصيبًا يُستحق ميراثًا لغيره أن يسلمه إليه - سواء أكان وارثًا أم لم يكن، كما ألقى التزامًا على كل من يحوز سندًا يؤكد هذا النصيب، أن يظهره لمستحقي الحصة الموروثة، وأن يُسلم هذا السند متى كان متعينًا عليه تسليمه. والمستفاد من ذلك أن الجريمة تقوم - في حال ثبوت عناصرها - على كل من يمتنع عن تسليم ما يحوزه من حصة ميراثية، أو سند مثبت لها، ولو لم يكن وارثًا، ودون أن يقيم تمييزًا من أي نوع بين المخاطبين بأحكامه، وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا هذا المبدأ بحيثيات حكمها الصادر في الطعن رقم ٤٧ لسنة ٤٣ ق بتاريخ ٢٠٢٣/٧/٨.

3.     مستندات ملكية المورث لأعيان التركة محل النزاع سواء كانت رسمية أو عرفية.

4.     خلو الحصة الموروثة من المنازعات القانونية كدعاوى الملكية المدنية أو الدعاوى التجارية في الشركات.

 


 

5.     محاضر جرد التركة في حال وجود قصر ضمن المجنى عليهم.

(ب) الأدلة القولية:

1.     سؤال الشاكي وشهوده عن طبيعة المال المورث - الحصة الميراثية المستحقة الممتنع عن تسليمها - طبيعة تلك الحصة الميراثية مفرزة أم شائعة - مقدارها - الأدلة على وجودها تحت يد المشكو في حقه - الأفعال التي أتاها ويستفاد منها امتناعه عن التسليم ومظاهر ذلك الامتناع.

2.     سؤال جميع الورثة عن معلوماتهم بشأن الواقعة - طبيعة المال المورث حصص مفرزة أم شائعة - ما إذا كانوا قد تحصلوا على أنصبتهم الشرعية - ما إذا كان الشاكي قد تسلم نصيبه محل الشكوى، وسند ذلك.

3.     إرفاق تحريات الشرطة حول الواقعة وظروفها وملابساتها.

4.     مواجهة المشكو في حقه بما ورد بالشكوى، وما عسى أن يسفر عنه تنفيذ ما سبق، وفي جميع الأحوال يسأل الطرفين عن الصلح، وفي حال الإقرار به تحفظ الأوراق قطعيًا لانقضاء الدعوى الجنائية صلحًا إعمالاً لنص القانون.

ثانياً: استيفاء خاص بحسب طبيعة الحصة المورثة الممتنع عن تسليمها:


 

(أ) في حالة الحصة الميراثية المفرزة أو القابلة للإفراز بطبيعتها:

الحصص المفرزة تكون مثل المثليات من المنقولات أو المفرزة بموجب قسمة قضائية أو رضائية، أما الحصص القابلة للإفراز بطبيعتها تكون مثل النقود غير المودعة بالبنوك أو الجهات المصرفية أو المصوغات الذهبية باعتبار أن لها سعرًا رسميًا معلومًا للكافة.

       في تلك الحالة يراعى استيفاء ما يلي:

1.     في حال وجود قسمة قضائية أو رضائية يُكلّف الشاكي أو أي من الورثة بتقديم عقد القسمة أو الحكم القضائي.

2.     في حالة المنقولات إرفاق المستندات الدالة على ملكية المنقولات المورثة - إن كان مثل عقود أو فواتير شراء تلك المنقولات.

       ملاحظة: تجدر الإشارة إلى أن الأموال المودعة بالجهات المصرفية والمؤسسات المالية والأسهم والسندات لها إجراءات خاصة في صرف الأنصبة الشرعية بمجرد تقديم إعلام الوراثة لتلك الجهات المار بيانها، وعليه فلا قيام للجريمة في تلك الحالة لعدم وجود المال تحت يد المشكو في حقه.

(ب) في حالة الحصة الميراثية الشائعة في العقار: الحصص العقارية الشائعة تكون في المباني والوحدات السكنية الأراضي الفضاء والأراضي الزراعية.


 

       في تلك الحالة يراعى استيفاء العناصر الأساسية وهي: سند ملكية المورث للعقار، وفي حالة ما إذا كان العقار مسجلاً يستعلم عن بيانات الملكية من الشهر العقاري أو السجل العيني بحسب الأحوال.

       ويجب التفرقة بين حالتين:

       إذا كان العقار يُدر ريعًا: ومن صور ذلك تأجيره للغير، أو استغلاله بمعرفة أحد الورثة بشخصه كما في حالة الأراضي الزراعية التي يزرعها ويستأثر بثمارها، أو مباشرة نشاط تجاري مورث، وفي تلك الحالة يراعى استيفاء الآتي:

1.     سند ثبوت ذلك الريع كحكم نهائي بتقديره، إن كان.

2.     إذا لم يثبت الريع بسند رسمي وفق البند المار بيانه يُسأل الشاكي عن طبيعة الاستغلال، ومقدار الريع الناتج عنه، وسند ثبوته، فإن كان بالإيجار تحدد قيمته - نصيبه فيه - سند ثبوت ذلك الإيجار (عقد الإيجار) - سند تحصل المشكو في حقه على القيمة الإيجارية واستئثاره بها - إيصالات سداد الأجرة إن كانت بحوزته.

3.     إجراء معاينة للعقار بمعرفة جاويش الاستيفاء أو الإدارة الزراعية المختصة - بحسب الأحوال - لبيان واضع اليد على العين، أو القائم بالزراعة وصرف المستلزمات الخاصة بالزراعة، للتحقق من استئثار المشكو في حقه بالقيمة الإيجارية أو بثمار الأرض الزراعية.


 

 

    4.  سؤال المستأجر - إن كان العقار مؤجرًا - عن معلوماته، وشخص القائم بتحصيل القيمة الإيجارية منه، مع تكليفه بتقديم إيصالات سداده لها.

إذا كان العقار لا يُدر ريعًا: قد يكون العقار تحت يد المشكو في حقه ولا يدر ريعًا كما في حال إقامته بالوحدة السكنية المورثة، أو تكون الأرض المورثة غير مستغلة بأي وجه من الوجوه، فإذا ثبت ذلك من المعاينة وسؤال الشاكي والمشكو في حقه فلا تقوم الجريمة لعدم ثبوت الامتناع عن التسليم، وعلى الشاكي سلوك الطريق المدني لقسمة العقار الشائع، على أنه إذا تضمن البلاغ نزاعًا على حيازة العين فتستوفى الأوراق كمنازعة حيازة وفقًا لنص المادة (٤٤) مكرر من قانون المرافعات.

(ج) في حالة الحصة الميراثية الشائعة في نشاط تجاري كالشركات أو المحال التجارية يراعى استيفاء ما يلي:

1.     سند ثبوت أرباح النشاط - حكم نهائي في دعوى حساب - إقرار ضريبي - ... إلخ، إن كان.

2.     الاستعلام من الجهات المختصة عن السجل التجاري - الضرائب العامة عن صفة المورث في النشاط التجاري - نصيبه في رأس المال للتحقق من شخص القائم على إدارة النشاط، وعما إذا كان يدر ربحًا من عدمه.

3.     سؤال القائم على إدارة النشاط عن معلوماته - كيفية توزيع الأرباح ما إذا كان الشاكي يتسلم نصيبه منها، وسنده في ذلك.


 

 

(د) الحصة الميراثية الشائعة في المركبات: قد تكون الحصة الميراثية شائعة في مركبة مورثة وفي تلك الحالة تطبق القواعد السالف بيانها في شأن التحقق مما إذا كانت تدر ريعًا مثل السيارة الأجرة أو النقل، أو إذا كانت مستخدمة في أي نشاط يدر مالاً يستأثر به المشكو في حقه، كما يراعي استيفاء ما يلي:

       الاستعلام من إدارة المرور المختصة عن بيانات المركبة وما طرأ عليها من تصرفات، وعما إذا كان ملف المركبة يتضمن توكيلاً لأحد الورثة بالإدارة والتعامل مع جهة المرور.

       فإن لم تكن تدر ريعًا؛ أي غير مستغلة، فلا تقوم الجريمة لعدم ثبوت الامتناع عن التسليم، وعلى الشاكي اللجوء للطريق الذي رسمه القانون لقسمة المال الشائع.

ثالثًا: الجريمة في صورة حجب السند المؤكد للنصيب أو الامتناع عن تسليمه حال طلبه

       في تلك الحالة يراعى استيفاء ما يلي:

1.     سؤال الشاكي عن طبيعة السند المحجوب أو الممتنع عن تسليمه ومضمونه.

2.     الاستعلام من الجهات المختصة عن ذلك السند وبياناته وأطرافه - إن كان رسميًا - مع إرفاق شهادة رسمية بمضمون ذلك.


 

 

رابعًا: الطعن للخطأ في تطبيق القانون على النيابة العامة

إذا تبين لها عند مراجعة الأحكام الصادرة بالبراءة في تلك الجريمة استنادها إلى أن الحصة الممتنع عن تسليمها حصة شائعة ولم يجر تقسيمها، أو أن المتهم ليس وارثًا طبقًا للإعلام الشرعي للمورث؛ فلها عند ذلك أن تطعن عليها بالاستئناف أو النقض - بحسب الأحوال - للخطأ في تطبيق القانون، وأن تسترشد في أسباب طعنها بالمقررات القانونية المشار إليها في صدر تلك الإرشادات.

والله ولي التوفيق


Admin
Admin